فصل: الليالي المشهورة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل فيما قيل في الليل وأقسامه:

قال النويري:
الليل طبيعي وشرعي:
أما الطبيعي، فهو من حين غروب الشمس واستتارها إلى طلوعها وظهورها. وأما الشرعي، فهو من حين غروبها إلى طلوع الفجر الثاني، وهو المراد بقوله تعالى: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}.
والليل ينقسم إلى اثنتي عشرة ساعة، لها أسماء وضعتها العرب، وهي: الشاهد، ثم الغسق، ثم العتمة، ثم الفحمة، ثم الموهن، ثم القطع، ثم الجوشن، ثم الكعبة، ثم التباشير، ثم الفجر الأول، ثم الفجر الثاني، ثم المتعرض.
هذا ما ذكره ابن النحاس في وصف صناعة الكتاب.
وحكى الثعالبي في فقه اللغة- عن حمزة الاصفهاني، قال: وعليه عهدته- أسماء غير هذه، وهي: الجهمة، والشفق، والغسق، والعتمة، والسدفة، والزلة، والزلفة، والبهرة، والسحر، والفجر، والصبح، والصباح.

.فصل: معاني الأيام والليالي:

وقد عبر الليالي عن الأيام، كقول الله عز وجل: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة}؛ وقوله تعالى: {والفجر وليال عشر}. فعبر عن الأيام بالليالي، لأن كل ليلة تتضمن يومًا.

.الليالي المشهورة:

من الليالي المشهورة ليلة البراءة. وهي ليلة النصف من شعبان، قيل سميت بذلك لأنها براءة لمن يحيها؛ وليلة القدر. والصحيح أنها من مفردات العشر الأخير من شهر رمضان؛ وليلة الغدير. وهي ليلة الثامن عشرة من ذي الحجة.
وليلة الهرير. وهي ليلة من ليالي صفين، قتل فيها خلق كثير من أصحاب معاوية رضي الله عنه؛ وليلة الخلعاء. وهي ليلة باتها أبو الطمحان القيني عند دبرانيه، فأكل طفيشلها بلحم الخنزير، وشرب خمرها، وزني بها، وسرق كساءها؛ وليلة النابغة. يضرب بها المثل في الخوف؛ وليلة المتوكل. تضرب مثلًا في موت نتج من سرور، لأنه قتل في مجلس أنسه، على ما نذكره في أخباره إن شاء الله تعالى.

.ما يتمثل به في ذكر الليل:

يقال: أطغى من الليل. أطفل من نيل على النهار. أحير من الليل. أستر من الليل. أظلم من الليل. أندى من ليلة ماطرة.
ويقال: الليل أخفى للويل. الليل نهار الأريب. الليل طويل وأنت مقمر. والليل وأهضام الوادي. والليل أعور لأنه لا يبصر فيه.
ويقال: اتخذ الليل جملا. شمر ذيلا، وادرع ليلا. أمر نهار قضى بليل.
ومن أنصاف الأبيات:
الليل حبلي ليس تدري ما تلد ** ما أقصر الليل على الراقد!

ما أشبه الليلة بالبارحة! ** وليل المحب بلا آخر

إحدى لياليك فهيسي هيسي ** فإنك كالليل الذي هو مدركي

ومن الأبيات:
إن الليالي لم تحسن إلى أحد ** إلا أساءت إليه بعد إحسان

والليالي كما عهدت حبالى ** مقربات يلدن كل عجيب

أما ترى الليل والنهارا ** جارين لا يبقيان جارا؟

وقال حميد بن ثور:
ولن يلبث العصران يوم وليلة ** إذا طلبا أن يدركا ما تمنيا!

وقال أبو حية النميري:
إذا ما تقاضى المرء يوم وليلة ** تقاضاه شيء لا يمل التقاضيا

.وصف الليل وتشبيهه:

قد أكثر الشعراء في وصف الليل بالطول والقصر. وذكروا سبب الطول الهموم وسبب القصر السرور.
ولهذا أشار بعض الشعراء في قوله:
إن الليالي للأنام مناهل ** تطوى وتنشر بينها الأعمار

فقصارهن مع الهموم طويلة ** وطوالهن مع السرور قصار

وقال آخر:
إن التواصل في أيامه قصر ** كما التهاجر في أيامه طول

فليس يعرف تسهيدًا ولا رمد ** جفن برؤية من يهواه مشغول

وقال ابن بسام:
لا أظلم الليل ولا أدعي ** أن نجوم الليل ليست تغور

ليل كما شاءت فإن لم تزر ** طال؛ وإن زارت، فليل قصير

ما قيل في النهار والنهار طبيعي، وشرعي.
فالطبيعي زمان بين طلوع نصف قرص من المشرق، وإلى غيابه في المغرب. والشرعي ما بين انفجار الفجر الثاني إلى غروب الشمس.
والفجر فجران: الفجر الكاذب، وهو بياض مستطيل؛ والفجر الصادق بياض مستطير.
وقد وضعت العرب لساعات النهار أسماء، كما وضعت لساعات الليل، وهي: الذرور، ثم البزوغ، ثم الضحى، ثم الغزالة، ثم الهاجرة، ثم الزوال، ثم الدلوك، ثم العصر، ثم الأصيل، ثم الصبوب، ثم الحدور، ثم الغروب.
ويقال أيضًا: البكور، ثم الشروق، ثم الإشراق، ثم الرأد، ثم الضحى، ثم المتوع، ثم الهاجرة، ثم الأصيل، ثم العصر، ثم الطفل، ثم العشى، ثم الغروب.
ذكر ذلك معا أبو جعفر النحاس.
وحكى الثعالبي في كتاب فقه اللغة- عن حمزة بن الحسن- قال: وعليه عهدتها: الشروق، ثم البكور، ثمالغدوة، ثم الضحى، ثم الهاجرة، ثم الظهيرة، ثم الرواح، ثم العصر، ثم القصر، ثم الأصيل، ثم العشي، ثم الغروب.
وكانت العرب العاربة تسمى أيام الأسبوع بأسماء غير هذه التي تتداولها الناس في وقتنا هذا، وهي: أول وهو الأحد، أهون وهو الاثنان، جبار وهو الثلاثاء، دبار وهو الأربعاء، مؤنس وهو الخميس، عروبة وهو الجمعة، شيار وهو السبت.
نظم ذلك شاعر فقال:
أؤمل أن أعيش وأن يومي ** لأول أو لأهون أو جبار

أو التالي دبار وإن أفته ** فمؤنس أو عروبة أو شيار

.الأيام التي خصت بالذكر:

منها: الأيام المعلومات. وهي عشر ذى الحجة، وفيها يوم التروية. وهو اليوم الثامن سمى بذلك لأنهم يرتوون من الماء لما بعده، لأن منًى لا ماء بها.
الأيام المعدودات. هي أيام التشريق. وعدتها ثلاثة بعد يوم النحر. سميت بذلك لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي في الشمس والهواء، لئلا تفسد.
أيام العجوز. ويقال فيها الأيام الأعجاز، وهي سبعة: أولها السادس والعشرون من شباط من شهر الروم؛ والخامس من برمهات من شهور القبط. وهي لا تخلو من رياح وبرد. وسميت بالعجوز: لأنها في عجز الشتاء.
يوم عبيد، مثل لليوم المنحوس. كان عبيد بن الأبرص قد تصدى للنعمان في يوم بؤسه الذي لا يفلح من لقيه فيه، كما لا يخيب من لقيه في يوم نعيمه، قال أبو تمام:
من بعد ما ظن الأعادي أنه ** سيكون لي يوم كيوم عبيد

يوم المطر. يضرب مثلا في كفر النعمة. وذلك أنه حكى عن المعتمد على الله ابن عباد صاحب إشبيلية أنه خلا بزوجته الرميكية في مجلس أنس، والزمان فيه قيظ. فتمنت عليه غيما ومطرا. فأمر بمجامر العنبر والعود والند، حتى انعقد الدخان كالضباب، ثم أمر برش صحن المجلس بماء الورد من أعلاه. وحصل بينهما بعد ذلك نبوة، فقالت له: ما رأيت معك يوم سرور قط؟! فقال لها: ولا يوم المطر؟ صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: «إنهن يكفرن العشير».
يوم وهو اليوم العاشر من محرم. ورد في فضله أحاديث كثيرة.
ويقال إن نوحا عليه السلام ركب السفينة فيه فصامه وأمر من معه بصومه.
وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر، رأى اليهود في المدينة صيامًا في هذا اليوم. فسألهم عنه، فقالوا: هذا اليوم الذي نجى الله تعالى فيه موسى وبني إسرائيل، وأغرق فرعون وقومه. فنحن نصومه شكرا لله تعالى. فقال: عليه الصلاة والسلام: «أنا أحق بأخي موسى». ثم أمر مناديًا فنادى: من أكل فليمسك، ومن لم يأكل فليصم! وفيه قتل الحسين بن علي رضي الله عنه.

.أيام أصحاب الملل الثلاث:

يوم الجمعة، للمسلمين. وسبب اتخاذهم له أنه اليوم الذي أتم الله به خلق العالم، وأوجد فيه أبا البشر آدم عليه السلام وفيه قبض، وفيه يكون النفخ في الصور، وفيه الصعق، وفيه الساعة التي لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله فيها حاجة إلا قضاها له.
يوم السبت، لليهود. وحجتهم على اتخاذهم له أن الله تعالى ابتدأ خلق العالم يوم الأحد، وفرغ منه يوم الجمعة، وأن يوم السبت يوم فراغ ودعةٍ. ولهم في ذلك أقوال كثيرة.
يوم الأحد، للنصارى. ذكر في سبب اتخاذهم له أن الله سبحانه وتعالى ابتدأ فيه بخلق الأشياء.

.ما يتمثل به في ذكر النهار:

يقال: أطول من يوم الفراق. أضوأ من نهارٍ. أنور من وضح النهار.
ويقال: يذهب يوم الهم ولا يشعر به. ما يوم حليمة بسر. من ير يومًا ير به. يوم السرور قصير. اليوم خمر وغدًا أمر. اليوم عيش وغدًا خيش. اليوم فعل وغدًا ثواب.يوم لنا ويوم علينا. لكل قومٍ يوم. اهـ.

.أسماء الرياح اللغوية:

قال النويري:
قال الثعالبي في فقه اللغة: إذا وقعت الريح بين ريحين، فهي النكباء.
فإذا وقعت بين الجنوب والصبا، فهي الحربياء.
فإذا هبت من جهات مختلفة، فهي المتناوحة.
فإذا كانت لينة، فهي الريدانة.
فإذا جاءت بنفس ضعيف وروح، فهي النسيم.
فإذا كان لها حنين كحنين الإبل، فهي الحنون.
فإذا ابتدأت بشدة، فهي العاصف، والسيهوج.
فإذا كانت شديدة ولها زفزفة وهي الصوت، فهي الزفزافة.
فإذا اشتدت حتى تقلع الخيام، فهي الهجوم.
فإذا حركت الأغصان تحريكًا شديدًا أو قلعت الأشجار، فهي الزعزاع، والزعزعان، والزعزع فإذا جاءت بالحصباء، فهي الحاصبة.
فإذا درجت حتى ترى لها ذيلًا كالرسن في الرمل، فهي الدروج.
فإذا كانت شديدة المرور، فهي النؤوج.
فإذا كانت سريعة، فهي المجفل، والجافلة.
فإذا هبت من الأرض كالعمود نحو السماء، فهي الإعصار.
فإذا هبت بالغبرة، فهي الهبَوة.
فإذا حملت المور وجرت الذيل، فهي الهوجاء.
فإذا كانت باردة فهي الحرجف، والصرصر، والعرية.
فإذا كان مع بردها ندًى، فهي البليل.
فإذا كانت حارةً، فهي الحرور، والسموم.
فإذا كانت حارة وأتت من قبل اليمن، فهي الهيف.
فإذا كانت باردة شديدة تخرق البيوت، فهي الخريق.
فإذا ضعفت وجرت فويق الأرض، فهي المسفسفة.
فإذا لم تلقح شجرا ولم تحمل مطرا، فهي العقيم. وقد نطق بها القرآن.

.الرياح بلفظ الجمع:

يقال: الرياح الحواشك: المختلفة الشديدة. البوارح: الشمال الحارة في الصيف. الأعاصير: التي تهيج بالغبار. المعصرات: التي تأتي بالأمطار. المبشرات: التي تهب بالسحاب والغيث السوافي: التي تسقى التراب.

.ما يتمثل به في ذكر الهواء:

يقال: أخف من النسيم. أسرع من الريح. ريحهما جنوب يضرب للمتصافيين.
هو ساكن الريح إذا كان حليما.
قد هبت ريحه إذا قامت دولته.
ومن أنصاف الأبيات.
إن كنت ريحًا فقد لاقيتَ إعصارا ** وبعض القول يذَهبُ بالرياح

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ** لو كنت ريحا كانت الدبورا

ومن الأبيات:
إذا هبت رياحك، فاغتنمها ** فإن لكل خافقةٍ سُكُونُ

وقال آخر:
وكلَّ ريح لها هُبوُبُ ** يوما فلابد من رُكُودِ

وقال آخر:
والريح ترجع عاصفا ** من بعد ما ابتدأت نسيما

وقال أبو تمام، عفا الله عنه:
إن الرياح إذا ما أعصفت، قصفت ** عيدان نجدٍ ولم يعبأن بالرتم

وقال ابن الرومي، رحمة الله عليه:
لا تطفئن جوًى بلومٍ إنه ** كالريح تغَرِى النار بالإحراق